العلاج بالأنسولين فعّال لأنه يخفض مستوى السكر في الدم، بغض النظر عن نوع السكري. ولكن لماذا هناك العديد من أنواع الأنسولين؟ ولماذا يختلف نوع الأنسولين الذي يتم استخدامه من شخص لآخر؟ دعونا نستضيف الصيدلانية أماني لتشرح لنا أنواع الأنسولين الشائعة وتأثيراتها.
الأنسولين هو هرمون يتم إفرازه من البنكرياس في جسم الإنسان. يمكن تصوره كمفتاح يفتح أبواب الخلايا في الجسم للمساعدة في امتصاص الجلوكوز (السكر) الناتج من الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات وتوفير الطاقة اللازمة للجسم. بالإضافة إلى ذلك، يلعب الأنسولين دورًا مهمًا في الحفاظ على توازن مستوى الجلوكوز في الدم.
أهم أنواع الأنسولين المختلفة والفرق بينهم
هناك العديد من أنواع الأنسولين المتاحة في السوق، مثل الأنسولين سريع المفعول، والأنسولين قصير المفعول، والأنسولين متوسط المفعول، والأنسولين المختلط، والأنسولين طويل المفعول، وغيرها. وتكون هناك أنواع أخرى أيضًا. تُستخدم هذه الأنواع المتعددة من الأنسولين لأن الأنسولين نفسه قد شهد تطورًا كبيرًا منذ اختراعه في عام 1922.
في السابق، كان يُستخدم الأنسولين المستخرج من بنكرياس الأبقار والخنازير والمعروف باسم “الأنسولين الحيواني”. وعلى الرغم من أنه كان فعالًا في خفض مستوى السكر في الدم، إلا أنه كان لديه بعض العيوب:
- تجاوب مناعي: بعض الأشخاص يمكن أن يعانوا من رد فعل مناعي يؤدي إلى تدمير الأنسولين الحيواني بسرعة بعد حقنه في الجسم، مما يجعله غير فعالًا. (رفض جهاز المناعة لأنواع الأنسولين الحيواني).
2. تهيج في مواقع الحقن: يمكن أن يسبب الأنسولين الحيواني تهيجًا في مواقع الحقن، وقد يؤدي إلى تكون الدهون بشكل زائد أو تراجع الأنسجة الدهنية في تلك المواقع.
- لم يكن هذا الوضع مثاليًا، ولكن في عام 1983 تم تقديم الأنسولين البشري الاصطناعي إلى السوق، والمعروف باسم NPH (Neutral Protamine Hagedorn insulin)، ومن هنا بدأ تقديم أنواع مختلفة من الأنسولين المتاحة حاليًا.
الأنسولين متوسط المفعول
تأثير الأنسولين متوسط المفعول
الأنسولين متوسط المفعول، المعروف أيضًا باسم (NPH)، يتميز بأنه يعمل بسرعة متوسطة، ليست طويلة ولا قصيرة. يبدأ تأثيره بعد حوالي ساعة ونصف من الحقن، ويصل إلى ذروته في الجسم بعد حوالي 6 ساعات، ثم يستمر لمدة تصل إلى 16 ساعة. يمكن تشبيهه بجهاز تكييف الهواء الذي يحتاج حوالي ساعة ونصف للبدء في التبريد، وبعد ذلك يبقى باردًا لمدة تصل إلى 16 ساعة.
صعوبة التحكم في جرعة الأنسولين متوسط المفعول
الأنسولين متوسط المفعول يتم استبداله تدريجياً بأنواع أخرى من الأنسولين، لأنه يُظهر بعض التحديات:
1. بداية بطيئة: يجب أن يتم حقنه قبل نصف ساعة على الأقل من تناول الطعام، وإلا فإن مستوى السكر في الدم قد يرتفع قبل أن يبدأ الأنسولين في العمل.
2. وقت الذروة طويلة: نظرًا لوجود ذروة تأثير للأنسولين متوسط المفعول لمدة تصل إلى 6 ساعات، يمكن أن يتسبب في انخفاض مفاجئ في مستوى السكر في الدم إذا تم استخدام جرعة أقل أو زائدة عما يجب. وبما أن فعاليته تستمر لفترة طويلة، فإن الحقن مرتين يوميًا (عادة قبل تناول الإفطار والعشاء) يمكن أن يزيد من احتمالية حدوث انخفاض مستوى السكر في الدم في وقت متأخر من الليل.
الأنسولين سريع المفعول
تأثير الأنسولين سريع المفعول
الأنسولين سريع المفعول يعمل بسرعة ويبدأ التأثير خلال 15 دقيقة فقط من الحقن، ويصل إلى ذروته بسرعة، ثم يستمر لمدة 1 – 2 ساعة. بعد ذلك، يظل فعالًا لمدة حوالي 3 ساعات تقريبًا. يُشار إلى هذا النوع من الأنسولين عادة بأنه “الأنسولين قبل الوجبة”، ويُستخدم عادة للتحكم في مستوى السكر في الدم بعد تناول الوجبات. ومع ذلك، لا يمكن أن يكون كافيًا للمحافظة على استقرار مستوى السكر في الدم طوال اليوم، ولهذا يجب استخدامه بالتزامن مع أنواع أخرى من الأنسولين.
الأنسولين المخلوط مسبقًا
تأثير الأنسولين المخلوط مسبقًا
الأنسولين المخلوط مسبقًا والمعروف أيضًا باسم “الأنسولين المختلط” هو نوع من الأنسولين الذي يحتوي على مزيج من الأنسولين سريع المفعول وبروتامين (protamine) الذي يمكن أن يؤخر بعض تأثير الأنسولين سريع المفعول. يجب أن يتم تحريكه (خلطه) بعناية قبل الحقن لضمان توزيع المكونات بشكل متساوٍ. يمكن أن يقوم بتوفير تأثير فعال سريع وبعض التأثير الممتد، حيث يختلط الأنسولين سريع المفعول وبروتامين بناءً على نسبة معينة. هذا النوع من الأنسولين شائع في الاستخدام ويسمح بمزيد من المرونة مقارنة بالأنواع الأخرى.
لنستخدم مثالًا مبسطًا للتوضيح، يمكن تشبيه الأنسولين بمكيف الهواء الذي يبرِّد الغرفة بسرعة، ولكن المهم هو أن تأثيره يدوم لعدة ساعات، مما يمكن من الحفاظ على استقرار مستوى السكر في الدم طوال اليوم من خلال حقنه مرتين يوميًا.
الأنسولين المخلوط مسبقًا غير قادر على محاكاة (تقليد) إفراز الأنسولين في الجسم.
النوع المختلط من الأنسولين ليس مثاليًا بما فيه الكفاية، لأنه لا يمكنه محاكاة (تقليد) إفراز الأنسولين في الجسم. عادةً ما يتناول الأشخاص ثلاث وجبات في اليوم، وعند تناول كل وجبة، يتم إفراز كمية كبيرة من الأنسولين في الجسم بسرعة لخفض مستوى السكر في الدم. هذا النوع من الإفراز يشبه الأنسولين الذي تم تناوله قبل الوجبة، وخارج ساعات الوجبات، يتم إفراز كميات قليلة من الأنسولين للمحافظة على مستوى صحي من السكر في الدم، ويشبه هذا النوع من الإفراز “الأنسولين الأساسي”.
في الواقع، يفضل أن يكون لدينا نوعان من الأنسولين: الأنسولين الذي يتم إفرازه مع الوجبات ويكون سريع التأثير ويتميز بتأثير سريع على خفض مستوى السكر في الدم بعد تناول الطعام، والأنسولين الأساسي الذي يعمل ببطء ولكنه يدوم لفترة طويلة للمساعدة في الحفاظ على مستوى منخفض من السكر في الدم على مدار اليوم والليل.
الأنسولين المختلط يحقن مرتين في اليوم، قبل وجبة الإفطار وقبل وجبة العشاء. إذا كانت جرعة الإفطار قليلة جدًا، فقد يرتفع مستوى السكر في الدم بشكل غير ملائم بعد وجبة الغداء، وإذا كانت الجرعة كبيرة جدًا، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض مستوى السكر بشكل غير ملائم. الحقيقة هي أن الأنسولين المختلط يقدم الراحة ولكنه يفتقر إلى المرونة في التكيف مع نمط الحياة، ولهذا السبب تم تطوير الأنسولين طويل المفعول لمحاكاة إفراز الأنسولين في الجسم بشكل أفضل.
الأنسولين طويل المفعول
تأثير الأنسولين طويل المفعول
الأنسولين طويل المفعول عادة لا يظهر لديه ذروة فعالية محددة ولكن يعمل بشكل مستمر وتدريجي لمدة تزيد عن 22 ساعة على الأقل. هذا يعني أنه لا يوجد تأثير سريع مماثل للأنسولين سريع المفعول، بل يعمل ببطء ويساعد في الحفاظ على استقرار مستوى السكر في الدم طوال اليوم. يمكن أن يكون له تأثير إضافي في الليل لمراقبة مستوى السكر في الدم أثناء النوم.
استخدام الأنسولين وكسر الأفكار الخاطئة
- في عمليات العلاج، يتم اختيار نوع معين من الأنسولين وفقًا لعادات حياة المريض ونمطه الغذائي، ولذلك يمكن أن تختلف أنواع الأنسولين المستخدمة من شخص لآخر.
- الأنسولين يلعب دورًا حاسمًا في علاج مرض السكري ومع ذلك، هناك العديد من الأفكار الخاطئة حول استخدامه.
- بعض المرضى يعتقدون أن حقن الأنسولين قد تؤدي إلى تلف الجسم، ولكن هذه الأفكار غير صحيحة.
- إذا تم رفض استخدام الأدوية بشكل عام، فقد يتم تفويت فرصة علاجية مهمة، مما يمكن أن يؤدي في الواقع إلى تدهور الصحة بشكل أكبر.

الآثار الجانبية لاستخدام الانسولين
عند استخدام الأنسولين في العلاج، قد تظهر بعض الآثار الجانبية نظرًا لأنه يتم إعطاؤه عن طريق حقن خارجية ولا يمكن تنظيمه بشكل طبيعي من قبل الجسم، ومن هذه الآثار الجانبية:
- انخفاض مستوى السكر في الدم
نظرًا لأن الهدف الرئيسي للأنسولين هو خفض مستوى السكر في الدم، يمكن أن يحدث انخفاضًا مفرطًا في مستوى السكر إذا تم استخدام جرعة زائدة. لذا يُفضل للأشخاص الذين يستخدمون الأنسولين قياس مستوى السكر في الدم بانتظام.
- الشعور بألم عند الحقن
تم تحسين إبر الأنسولين بشكل كبير ولا تسبب الألم الكبير عند الحقن مقارنة بالإبر العادية. إذا كنت تشعر بخوف من الإبر، يمكنك التخفيف من الضغط النفسي عن طريق فهم المزيد عن الأنسولين وكيفية استخدامه بشكل صحيح.
- اضطرابات في عملية تمثيل الدهون
يمكن أن يحدث تغير في الأنسجة الدهنية عند حقن الأنسولين في نفس المنطقة باستمرار. يجب تبديل موقع الحقن بانتظام لتجنب هذه التغيرات.
- زيادة الوزن
عندما يتم تحسين مستوى السكر في الدم وتحقيق التوازن، يمكن أن يؤدي استخدام الأنسولين إلى زيادة امتصاص البروتينات والدهون في الجسم. هذا الأمر يمكن أن يتسبب في زيادة الوزن. لذا، يُشدد على أهمية استخدام الأنسولين بتنسيق مع التحكم في النظام الغذائي وممارسة الرياضة بانتظام لتجنب التأثير على الوزن.
- الحساسية
في بعض الأحيان، يمكن أن يسبب حقن الأنسولين رد فعل حساسية محليًا أو على مستوى الجسم. إذا استمرت هذه الأعراض، يجب استشارة الطبيب واستبدال نوع الأنسولين.
يجب أن نشير إلى أن استخدام الأنسولين هو توظيف لتعويض الجسم على ما يفتقده، ولذلك يمكن تصوير الأمر على أنه “تعويض الأنسولين” بدلاً من “حقن الأنسولين”. هذه الصياغة تظهر الفكرة بشكل أكثر دقة ويسهل على الأشخاص قبولها. بعد قراءة هذا المقال، نأمل أن يكون لديكم فهم أفضل للأنسولين وتجاوز أي اعتبارات غير صحيحة.