تشهد مصر زيادة مستمرة في عدد مرضى السكري، حيث يبلغ عددهم حالياً حوالي 11 مليون شخص، مما يعني أنه يوجد شخص واحد على الأقل من كل 10 أشخاص يعاني من مرض السكري. وتشهد السنوات الأخيرة انخفاضاً في متوسط عمر الإصابة بالمرض، مما يشير إلى أن السكري لم يعد مرضًا مقتصرًا على المسنين فقط، بل هو مشكلة يجب على الجميع مواجهتها بجدية. ولذلك، سنتعرف اليوم سويًا على تعريف مرض السكري وأسبابه وأنواعه وغيرها من المعلومات ذات الصلة.
ببساطة، مرض السكري هو اضطراب في مستوى السكر في الدم، ويشير مستوى السكر في الدم إلى مستوى الجلوكوز في الدم. ويتراوح مستوى السكر الطبيعي بين 70-140 ملغم/ديسيلتر، ولا يتجاوز أقصى حد 200 ملغم/ديسيلتر. عندما يتجاوز مستوى سكر الدم الصائم 126 ملغم/ديسيلتر، أو يتجاوز مستوى سكر الدم العشوائي 200 ملغم/ديسيلتر، فإن ذلك يعني إصابة الشخص بمرض السكري.
ما هي أسباب مرض السكري؟ العلاقة بين مرض السكري والأنسولين
تعمل خلايا بيتا في البنكرياس على إفراز الأنسولين، والذي يساعد على دخول الجلوكوز إلى الخلايا للاستخدام والتخزين. عند حدوث اضطراب في إنتاج الأنسولين، يصعب إدخال الجلوكوز إلى الخلايا بشكل فعال، مما يؤدي إلى تراكم الجلوكوز بشكل كبير في الدم وارتفاع مستوى السكر في الدم، مما يؤدي في نهاية الأمر إلى الإصابة بمرض السكري. يمكن أن يحدث اضطراب في إنتاج الأنسولين لسببين رئيسيين:
عدم إفراز الأنسولين بشكل كافٍ
قد يعاني معظم كبار السن من نقص إفراز هرمون الأنسولين بسبب تلف البنكرياس، مما يؤدي إلى الإصابة بالسكري. بالإضافة إلى ذلك، هناك نسبة قليلة من الشباب المصابين بمرض السكري الذين يعانون من هجوم الجهاز المناعي الذاتي على خلايا بيتا في البنكرياس، مما يؤدي إلى عدم إنتاج الأنسولين، وبالتالي يحتاجون إلى حقن الأنسولين من الخارج لتحقيق توازن في مستوى السكر في الدم.
فشل عمل هرمون الأنسولين
يشير إلى «مقاومة الأنسولين» أو «تخفيض حساسية الجسم للأنسولين». وهي نتيجة للتغذية السيئة ونقص النشاط البدني الذي يؤدي إلى تخفيض حساسية الأنسجة الطرفية للأنسولين، مما يسبب ارتفاع مستوى السكر في الدم وصعوبة دخول الجلوكوز إلى الخلايا.
ما هي أعراض مرض السكري؟
في المراحل المبكرة من الإصابة بمرض السكري، غالباً ما تكون الأعراض خفيفة جدًا ويصعب اكتشافها. وفيما يلي بعض الأعراض الشائعة لمرض السكري بعد الإصابة به:
- زيادة الجوع والعطش، ولكن فقدان الوزن.
- زيادة في تكرار التبول وكمية البول.
- العطش غير العادي.
- سوء المزاج والنعاس المستمر.
- صعوبة شفاء الجروح.
- التهابات المجاري البولية المتكررة.
لذلك، من المهم إجراء فحوصات صحية بانتظام والانتباه لحالة الجسم للكشف عن المرض في مرحلة مبكرة والعلاج في الوقت الملائم!
معايير تشخيص مرض السكري
عموماً، تتضمن معايير تشخيص مرض السكري 4 معايير رئيسية:
- الهيموجلوبين السكري (HbA1c) أكبر من أو يساوي 6.5%.
- مستوى السكر في الدم عند الصيام لمدة 8 ساعات أكبر من أو يساوي 126 ملغم/ديسيلتر.
- مستوى السكر في الدم بعد تناول 75 غرامًا من الجلوكوز في اختبار تحمل الجلوكوز أكبر من أو يساوي 200 ملغم/ديسيلتر بعد ساعتين.
- وجود واضح للثلاثة أعراض (كثرة التبول والعطش والجوع وفقدان الوزن غير المبرر) ومستوى سكر الدم العشوائي يكون أكبر من أو يساوي 200 ملغ/ديسيلتر.
يجب تحقيق معايير الثلاثة الأولى مرتين على الأقل، أو تحقيق المعيار الرابع مرة واحدة، لتشخيص مرض السكري.
يجب الانتباه إلى أنه إذا كانت مستويات السكر في الدم أعلى من القيم الطبيعية، ولكن ليست بالمستوى اللازم لتشخيص مرض السكري، فإن هذه الحالة تعتبر “مرحلة ما قبل السكري”. في هذه المرحلة، إذا تم اتباع نمط حياة صحي، مثل اتباع النظام الغذائي الصحي والتمارين الرياضية المنتظمة والسيطرة على الوزن، فمن الممكن أن يتم استعادة مستويات السكر في الدم إلى الوضع الطبيعي.
ما هي أنواع مرض السكري؟ وكيف يمكنني معرفة نوع مرض السكري الذي أعاني منه؟
يمكن تقسيم مرض السكري بشكل عام إلى أربعة أنواع بناءً على الأسباب التي تؤدي إلى حدوثه:
النوع الأول من مرض السكري
النوع الأول من مرض السكري هو نوع من الأمراض المناعية الذاتية، حيث يتعرض البنكرياس لهجوم من الأجسام المضادة التي تدمر خلايا بيتا، وهي الخلايا المسؤولة عن إنتاج الأنسولين. وبسبب هذا الهجوم، يصبح من الصعب على الجسم إنتاج الأنسولين اللازم لتنظيم مستوى السكر في الدم، ويحتاج المصابون بالنوع الأول من مرض السكري إلى حقن الأنسولين مدى الحياة لتنظيم مستوى السكر في الدم. يتم تشخيص مرض السكري النوع الأول عادة في سن مبكرة، ولكنه يمكن أن يظهر في أي عمر.
النوع الثاني من مرض السكري
النوع الثاني من مرض السكري هو النوع الأكثر شيوعاً في مصر، حيث يصيب أكثر من 90% من مرضى السكري. بالإضافة إلى الوراثة، تعتبر العوامل الرئيسية للإصابة بهذا النوع هي نمط الحياة والعادات الغذائية والبدانة. وعلى الرغم من أن متوسط عمر الإصابة حوالي 60 عامًا، إلا أن هناك اتجاهًا متزايدًا للإصابة به في الأعمار الشابة.
سكر الحمل
يشير مرض السكري الحملي إلى حدوث اضطراب في مستوى السكر في الدم خلال فترة الحمل، حيث ينخفض مستوى استخدام الجسم للجلوكوز، ويزيد مستوى السكر في الدم بسبب التغيرات الهرمونية. وعادة ما يتم استعادة مستوى السكر في الدم إلى طبيعته بعد الولادة، ولكن يزيد خطر الإصابة بمرض السكري في المستقبل بنسبة تصل إلى 50% خلال 5-10 سنوات القادمة. ولذلك يجب مراقبة الحالة الصحية بعناية وإجراء الفحوصات الصحية بشكل منتظم.
أنواع أخرى من مرض السكري
تحدث أنواع أخرى من مرض السكري؛ بسبب عدة عوامل مختلفة مثل التغيرات الجينية أو الكروموسومية، وأمراض البنكرياس، وأمراض الغدد الصماء، أو تأثير بعض الأدوية وغيرها، وهذه الأنواع يتم تشخيصها من قبل الطبيب.
إذا كنت ترغب في معرفة نوع السكري الذي تعاني منه، فيمكنك القيام بفحوصات مختلفة، بالإضافة إلى الفحوصات الأساسية. على سبيل المثال، يمكنك اختبار تركيز مادة “سي ببتيد” 「C-Peptide」 التي تنتج خلال عملية إفراز الأنسولين، وذلك باستخدام اختبار الاستثارة بالجلوكاجون والتحقق من علامات وظيفة الكلى. هذا سيساعدك على تحديد ما إذا كنت تعاني من النوع الأول من السكري أم لا، وإذا لم يكن النوع الأول، فربما تعاني من النوع الثاني أو غيره من الأنواع.
هل يمكن علاج مرض السكري؟ ما هي الاختلافات بين أنواع مرض السكري؟
قد يتساءل الأشخاص الذين يتم تشخيصهم حديثًا بمرض السكري عن ذلك: هل يمكن علاج مرض السكري؟
يمكن للشخص الذي يتم تشخيصه حديثًا بمرض السكري البدء بفهم سبب فقدان التوازن في مستوى السكر في الدم الخاص به لتحديد ما إذا كان هناك فرصة لاستعادة مستوى السكر في الدم إلى المستوى الطبيعي. في حالة مرض السكري من النوع الأول، فإن تلف وظيفة البنكرياس صعب العلاج، ولا يمكن شفاؤه بشكل تام. بالنسبة لأنواع السكري الأخرى، مثل السكري الحملي أو السكري الناتج عن تغيرات في الهرمونات، يمكن استعادة مستوى السكر في الدم إلى المستوى الطبيعي بعد فترة حادة من التهاب البنكرياس أو تغيرات في الهرمونات.
بعد فهم السبب الذي أدى إلى إصابة الشخص بمرض السكري، يمكنه التفكير في مدى تمنيه لتحسين حالته الصحية. يجب التأكد من الهدف والتركيز على علاج مرض السكري بطريقة تساعده على تحقيق الحالة التي يرغب فيها، لأن تعريف الشفاء يختلف من شخص لآخر.
طرق علاج مرض السكري الشائعة
بناءً على سبب الإصابة بمرض السكري، يتم علاج المرضى من النوع الأول بالأنسولين، بينما يتم اختيار العلاج المناسب بين تناول الأدوية عن طريق الفم أو الأنسولين حسب الحالة الفردية للمرضى من النوع الثاني. ويمكن لمعظم مصابي السكري الحمل التحسن عن طريق تعديل نظامهم الغذائي.
كيفية الوقاية من مرض السكري؟ وما هي طرق الوقاية المختلفة لأنواع مختلفة من مرض السكري؟
هناك أسباب كثيرة للإصابة بمرض السكري، والوقاية المبكرة ليست ممكنة لكل نوع من أنواع السكري. ولكن يمكن خفض خطر الإصابة بالنوعين التاليين من مرض السكري من خلال تغيير نمط الحياة:
طرق الوقاية من مرض السكري من النوع الأول
على الرغم من أن مرض السكري النوع الأول مرتبط بالجهاز المناعي الذاتي الخلقي، ومن الصعب الوقاية منه، إلا أن هناك بعض الدراسات تشير إلى أن شرب حليب الأم لمدة لا تقل عن 6 أشهر في فترة الرضاعة الطبيعية، وتأجيل إدخال الأطعمة الصلبة مثل الأرز والشوفان حتى بعد 4-6 أشهر، وزيادة استهلاك فيتامين د والأحماض الدهنية غير المشبعة يمكن أن يقلل من حدوث مرض السكري من النوع الأول.
طرق الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني
يتعلق سبب الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بالعادات الغذائية ونمط الحياة، ولذلك يمكن الوقاية منه وتحسينه من خلال النقاط التالية:
1. التحكم في الوزن
يعتبر الوزن الزائد هو السبب الرئيسي لمقاومة الأنسولين، ويمكن الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني بتخفيف الوزن بمقدار 5 – 7% من وزن الجسم من خلال التغذية وممارسة التمارين الرياضية.
2. نظام غذائي متوازن
يجب تناول الأطعمة الستة الرئيسية للحصول على المغذيات اللازمة، وفي حالة الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، يمكن تخفيض الكمية من الكربوهيدرات وزيادة كمية الخضروات والبروتينات.
3. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام
يُنصح بممارسة التمارين الرياضية المعتدلة لمدة 150 دقيقة في الأسبوع أو التمارين الشديدة لمدة 75 دقيقة في الأسبوع، حيث يمكن تحسين معدل الأيض والوقاية من الأمراض المزمنة.
4. الحد من تناول السكريات المكررة
توصي وزارة الصحة بأن يكون تناول السكريات المكررة لكل فرد يوميًا لا يتجاوز 10% من إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة، ويجب الحرص على ألا يتجاوز 5% إذا أمكن. على سبيل المثال، إذا كانت السعرات الحرارية المستهلكة يوميًا هي 1500 سعر حراري، فلا يجب تناول سكريات مكررة تزيد عن 150 سعر حراري (حوالي 37.5 جرام من السكر). السكريات المكررة تؤدي إلى ارتفاع سريع وانخفاض سريع في مستوى السكر في الدم، وبالإضافة إلى أنها تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري.
5. شرب كمية كافية من الماء
يُعتبر شرب الماء النقي أمرًا مهمًا جدًا، حيث يساعد على الحفاظ على وظائف الجسم الطبيعية، كما يساعد على تقليل تناول المشروبات الغنية بالسكر. يوصى بتناول 30-35 مل من الماء لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميًا. (أي ما يعادل 2.1 – 2.5 لتر من الماء يوميًا).
المضاعفات الشائعة لمرض السكري
إذا لم يتم التحكم في مستوى السكر في الدم بشكل جيد لدى مرضى السكري، فإن ذلك يزيد من احتمالية حدوث المضاعفات. وبالإضافة إلى التأثير في جودة الحياة، فقد يشكل ذلك خطرًا على الحياة. وفيما يلي، سنقدم لكم ما هي المضاعفات الحادة والمزمنة الشائعة:
المضاعفات الحادة لمرض السكري
- الانخفاض الحاد في السكر في الدم
- الحماض الكيتوني السكري
- متلازمة فرط الأسمولية السكري
المضاعفات المزمنة لمرض السكري
- اعتلال شبكية العين
- اعتلال الأعصاب
- اعتلال الكلى
- اعتلال الشرايين المحيطية
- مضاعفات مرض السكري على القدم
- أمراض القلب والأوعية الدموية
- السكتة الدماغية
- مشاكل الفم واللثة
بعد التشخيص بالإصابة بمرض السكري، يجب تعلم كيفية السيطرة الجيدة على المستوى اليومي لسكر الدم بشكل جيد، للوقاية من حدوث المضاعفات.
نصائح للعناية اليومية بصحة الشخص المصاب بالسكري
في الواقع، الإصابة بمرض السكري ليست مخيفة، ولكن المخيف هو عدم السيطرة على مستوى السكر في الدم، والتي يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات أخرى، وتؤثر في جودة الحياة. لذلك، بالإضافة إلى الامتثال لتوجيهات الفريق الطبي، يجب ملاحظة النقاط التالية في الحياة اليومية:
- مراقبة مستوى السكر في الدم بشكل ذاتي (SMBG).
- تعديل نوعية النظام الغذائي.
- ممارسة التمارين الرياضية المناسبة.
- الذهاب بشكل منتظم إلى المستشفى لإجراء المتابعة الطبية والالتزام بالعلاج الطبي.
- الامتثال لتوجيهات الأخصائي الصحي المعني بتثقيف مرضى السكري.
بالنسبة لغير المصابين بمرض السكري، يمكنهم البدء بمراجعة عاداتهم وإجراء التعديلات المناسبة. وأما بالنسبة للأصدقاء الذين تم تشخيصهم حديثًا بمرض السكري، فلا داعي للقلق. يمكنهم العثور على طريقة للتعامل مع مرض السكري ببطء عن طريق اتباع تعليمات الطبيب بشأن الأدوية والجمع بينها وبين العادات الصحية.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لمراقبة مستوى السكر في الدم أن تساعد الأفراد على السيطرة على مرض السكري. يمكنك تحميل تطبيق “سكرك بإيدك” للسيطرة على مرض السكري بسهولة من خلال رسوم بيانية ومميزات تسجيل بسيطة، والسماح لك بالسيطرة على مستوى السكر في الدم بدلاً من أن يتحكم فيك!
مصدر المقال: Chen Yiping تشان إي بين أخصائية تغذية. تم التدقيق والمراجعة من قبل فريق التحرير في سكرك بإيدك.