الرياضة لها العديد من الفوائد وتعتبر جزءًا مهمًا من علاج مرض السكري، إلى جانب التغذية والأدوية. تساعد الرياضة في تحسين مستوى السكر في الدم وتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. لكن بالنسبة لأولئك الذين ليس لديهم عادات رياضية، يمكن أن يكون من الصعب بدء القيام بالتمارين رغم معرفتهم بأهمية الرياضة. وبالإضافة إلى ذلك، بالنسبة للأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام، قد يصبحون مهتمين بمعرفة ما إذا كانت شدة التمارين والوقت والتكرار التي يقومون بها تعزز اللياقة البدنية والصحة بشكل كافٍ. هذه الأسئلة تجعلنا ندرك أن “ممارسة الرياضة ليست مجرد مجهود بدني، بل تحتاج أيضًا إلى تفكير”.
سنشارك الآن كيفية تقييم نوع الرياضة المناسب والأمور التي يجب مراعاتها أثناء ممارسة الرياضة.
فوائد ممارسة الرياضة للتحكم في مستوى السكر في الدم
الرياضة تعمل على تحسين استخدام الجلوكوز في الخلايا، مما يؤدي إلى تقليل مستوى السكر في الدم. كما أنها تساعد في تحسين حساسية الجسم للأنسولين وبالتالي تخفيف مستوى السكر بالدم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للرياضة أن تساعد في التحكم في الوزن وتقليل مخاطر السمنة، مما يساهم في تحسين التحكم في السكر في الدم.
الاحتياطات اللازمة قبل ممارسة الرياضة لمرضى السكري من النوع الثاني
قبل البدء في أي برنامج رياضي، يجب على الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني أن يقيموا حالتهم الصحية بعناية. يُنصح بمراجعة طبيبهم لضمان سلامة ممارسة الرياضة. بالإضافة إلى الحالة الصحية، يجب أن يأخذوا في اعتبارهم أيضًا مستوى اللياقة البدنية الحالي وتفضيلاتهم الرياضية وبيئة ممارسة الرياضة. إذا تم تجاهل أيٍ من هذه العوامل، فإنه قد يكون من الصعب تحقيق تحسين في مستوى السكر بالدم أو حدوث إصابات نتيجة للرياضة.
العوامل الخمسة التي يجب مراعاتها قبل البدء بممارسة الرياضة
- مستوى سكر الدم: عندما يكون مستوى السكر في الدم عشوائيًا أقل من 70 ملغ/ديسيلتر أو أعلى من 250 ملغ/ديسيلتر مع وجود كيتونات في البول أو أعلى من 300 ملغ/ديسيلتر، يجب تجنب ممارسة الرياضة.
- ضغط الدم: عندما يكون ضغط الدم أعلى من 200/110 ملم زئبق، يجب تجنب ممارسة الرياضة.
- الأدوية: معظم الأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم لمرضى السكري لا تزيد من خطر حدوث انخفاض في مستوى السكر بعد ممارسة الرياضة، ولكن إذا تم استخدام الأدوية المرتبطة بالأنسولين، فيجب مراعاة أخذ الدواء وتناول الطعام بانتظام في الوقت المناسب ومراقبة السكر قبل وبعد التمرين.
- البيئة: يجب اختيار مكان آمن ومزدحم بالناس لممارسة الرياضة، مثل ملعب المدرسة أو الحديقة أو الصالة الرياضية أو مركز المجتمع أو المنزل. يجب تجنب الأماكن النائية والمظلمة والممرات الجانبية للطرق السريعة وما إلى ذلك.
- الأحذية والجوارب: يجب ارتداء أحذية رياضية مريحة للقدم ومناسبة للنشاط البدني. تجنب ارتداء الشباشب أو الصنادل أو الجوارب الرقيقة جدًا. يفضل اختيار الجوارب المصنوعة من القطن ذات سمك معتدل، حيث أن الجوارب الرقيقة قد لا توفر الوسادة الكافية. لا تختار الجوارب أو الأحذية التي تكون ضيقة جدًا وتقيد حركة القدم.
كيف يمكن تخطيط برنامج رياضي لمرضى السكري؟
بعد الاستعداد الجيد لممارسة الرياضة، يمكنك التقدم بخطوات محددة لتخطيط برنامج الرياضة الخاصة بك باستخدام مفهوم FITT:
الخطوة 1: اختيار نوع الرياضة المناسب (النوع – T)
يمكن للأشخاص المصابين بالسكري من النوع 2 اختيار نوع من الرياضة يناسب اهتماماتهم واحتياجاتهم. يمكن أن تتضمن الخيارات الأمور التالية:
-
التمارين الهوائية: مثل المشي السريع، والجري، وركوب الدراجات، والسباحة، وصعود السلالم، والرقص، وما إلى ذلك.
-
تمارين القوة: مثل رفع الأثقال (الأوزان)، تمرين المعدة، تمرين القرفصاء، تمرين الضغط.
-
الرياضة الجماعية: مثل كرة البيسبول وكرة السلة والجولف وتنس الطاولة وغيرها من الألعاب الرياضية.
جميع هذه التمارين مفيدة للجسم، ولكن بغض النظر عن التمرين الذي ستختاره، من الأفضل استشارة طبيبك المعالج قبل بدء أي نشاط رياضي لتجنب الإصابات ومشاكل نقص السكر.
الخطوة 2: اختيار الوقت المناسب للرياضة (الزمن – T)
يُفضل ممارسة الرياضة في غضون 1-2 ساعة بعد تناول الوجبة. تجنب ممارسة الرياضة على معدة فارغة لتجنب حدوث انخفاض في مستوى السكر في الدم. إذا كنت تستخدم الأنسولين أو أي دواء يحفز إفراز الأنسولين، من الأفضل عدم ممارسة الرياضة في المساء لتجنب انخفاض مستوى السكر في الدم ليلاً.
مدة ممارسة الرياضة في كل جلسة يجب أن تكون على الأقل 30 دقيقة. إذا لم تتمكن من ممارسة الرياضة لمدة 30 دقيقة في جلسة واحدة، يمكنك تقسيمها إلى جلسات أقل، حيث تشير الأبحاث الحالية إلى أن ممارسة الرياضة لمدة 10 دقائق في كل جلسة، ثلاث مرات في اليوم مع تراكم المدة الإجمالية لتصبح 30 دقيقة، لها فوائد في إدارة مستوى السكر في الدم. ومع ذلك، يُفضل أن يتم التسخين والتمارين التمهيدية لمدة 5-10 دقائق قبل وبعد كل جلسة من الرياضة لتجنب إصابات الرياضة.
الخطوة 3: تخطيط تكرار التمرين (التكرار – F)
توصي الإرشادات للعناية بمرض السكري بممارسة الرياضة لمدة 150 دقيقة على الأقل في الأسبوع، وهذا يمكن أن يتضمن 3 – 5 أيام من الرياضة الهوائية بشدة متوسطة. إذا كانت الحالة الصحية جيدة، يمكن أيضًا إضافة جلسات لتمارين تقوية العضلات (الأوزان) لمرة أو مرتين في الأسبوع.
الخطوة 4: زيادة تدريجية في شدة التمرين (الشدة – I)
يجب أن يكون لدى الرياضة شدة مناسبة لتحقيق الفوائد المرجوة. يمكن حساب شدة الرياضة استنادًا إلى معدل ضربات القلب القصوى. يتم ذلك باستخدام الصيغة التالية: الحد الأقصى لضربات القلب = 【206.9 – (0.67 × العمر). ثم يمكن تقسيم هذا الحد الأقصى إلى نسب مئوية لتحديد شدة التمرين.
تمييز النشاط الرياضي منخفض ومتوسط وعالي الشدة:
1. النشاط الرياضي منخفض الشدة:
معدل ضربات القلب يتراوح بين 30% – 50% من أقصى معدل ضربات القلب للفرد.
مناسب لأولئك الذين لديهم لياقة بدنية ضعيفة أو حالات صحية خاصة.
2. النشاط الرياضي متوسط الشدة:
معدل ضربات القلب يتراوح بين 50% – 60% من أقصى معدل ضربات القلب للفرد.
يمكن التحدث بسهولة أثناء ممارسة الرياضة، ولكن الغناء يسبب زيادة وضيق في التنفس.
مناسب لمعظم الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري ولا يعانون من مضاعفات صحية.
3. النشاط الرياضي عالي الشدة:
معدل ضربات القلب يتراوح بين 60% إلى 85% من أقصى معدل ضربات القلب للفرد.
القدرة على التحدث تقل ويصبح التنفس أكثر صعوبة.
يمكن تنفيذه بعد تطوير عادات اللياقة البدنية بعد الاعتياد على ممارسة الرياضة.
مثال: إذا كان لديك شخص يبلغ من العمر 60 عامًا ويرغب في ممارسة النشاط الرياضي بشدة متوسطة، يجب أن يكون معدل نبضات قلبه خلال هذا النشاط بين 50% – 60% من أقصى معدل نبضات القلب له.
لحساب أقصى معدل نبضات قلبه:
- أقصى معدل نبضات القلب = 206.9 – (0.67 × العمر)
- أقصى معدل نبضات القلب = 206.9 – (0.67 × 60) = 206.9 – 40.2 = 166.7 نبضة في الدقيقة.
بالنسبة لشخص يبلغ أقصى معدل نبضات قلبه 167 نبضة في الدقيقة، فإن معدل نبضات قلبه خلال النشاط المتوسط يجب أن يتراوح بين 84 – 100 نبضة في الدقيقة.
ثم لحساب نطاق معدل نبضات القلب للنشاط المتوسط:
- الحد الأدنى = 50% من أقصى معدل نبضات القلب = 0.5 × 166.7 = 83.35 نبضة في الدقيقة.
- الحد الأقصى = 60% من أقصى معدل نبضات القلب = 0.6 × 166.7 = 100.02 نبضة في الدقيقة.
لذا، يجب على أن تكون نبضات قلبه بين 83 – 100 نبضة في الدقيقة أثناء ممارسة النشاط الرياضي بشدة متوسطة لشخص يبلغ من العمر 60 عامًا.
في حالة حدوث مضاعفات لمرضى السكري، ما هي الاحتياطات الخاصة التي يجب اتخاذها أثناء ممارسة الرياضة؟
إذا كانت هناك مضاعفات مرتبطة بالسكري، فيجب أخذ العناية الخاصة عند ممارسة الرياضة. إليك بعض النصائح الهامة حسب نوع المضاعفات:
مشاكل في الأوعية الكبيرة
إذا كنت قد تعرضت لنوبة قلبية أو سكتة دماغية في الماضي، يجب عليك استشارة الطبيب ومراقبة ضغط الدم بانتظام قبل الرياضة.
يجب تجنب ممارسة الرياضة في بيئة حارة أو باردة جدًا وتجنب التمارين الشديدة ورفع الأثقال الثقيلة، والتي تتطلب إجهادًا كبيرًا وتضغط على القلب بشدة.
- يُفضل ممارسة الرياضة اللينة مثل: تمارين الاسترخاء والمشي البطيء أو السباحة أو ركوب الدراجات.
مشاكل في العين (الشبكية)
يجب تجنب أي نشاط يسبب تغيرات سريعة في ضغط العين أو تتطلب احتباس الأنفاس أو تزيد من ارتفاع ضغط الدم. مثل رفع الأثقال والقفز في الماء وممارسة اليوغا في الهواء وتدريب TRX المعلق.
من الضروري اتخاذ الاحتياطات اللازمة للسلامة، مثل اختيار بيئة آمنة لممارسة الرياضة واستخدام معدات ثابتة.
- يُفضل ممارسة الرياضة الثابتة والتي لا تؤثر بشكل كبير على العين، مثل الرقص أو ركوب الدراجات.
مشاكل في الكلى
يجب أن يكون الشخص حذرًا عند ممارسة الرياضة إذا كانت هناك مضاعفات في الكلى. يجب بدء مستوى منخفض من النشاط البدني وزيادة الشدة تدريجياً حسب حالته.
- يُفضل البدء بالمشي 10 دقائق يوميًا وزيادة ذلك بتدريج.
مشاكل في الأعصاب الطرفية
تجنب الأنشطة التي تؤدي إلى زيادة الألم مثل المشي لفترات طويلة أو القفز.
- اختر تمارين منخفضة الشدة مثل السباحة أو ركوب الدراجة أو الركض أو صعود السلالم.
- ارتدي أحذية مناسبة وتفحص قدميك بعد التمرين للتأكد من عدم وجود إصابات.
مشاكل الجهاز العصبي المستقل
ممارسة الرياضة يمكن أن تؤثر على النظام الهرموني ووظائف القلب والأوعية الدموية، لذا يجب على الأشخاص الذين يعانون من مضاعفات في الجهاز العصبي المستقل أن يتوخوا الحذر.
- اختر تمارين ذات شدة متوسطة إلى منخفضة وتجنب التمارين التي قد تؤدي إلى ارتفاع أو انخفاض حاد في ضغط الدم.
- احتفظ بوجبات خفيفة ذات نسبة عالية من الكربوهيدرات خلال التمارين لمواجهة أي انخفاض مفاجئ في مستوى السكر في الدم.
الاهتمام بالتمارين الرياضية والبدء في التحكم في السكر
تطوير عادة ممارسة الرياضة يمكن أن يكون مفيداً جداً لإدارة مستوى السكر في الدم بشكل أفضل. بالرغم من وجود العديد من النصائح والاعتبارات التي يجب مراعاتها أثناء ممارسة الرياضة للأشخاص الذين يعانون من مرض السكري، إلا أن اختيار نوع الرياضة التي تحبها وزيادة التدريج في الشدة والتكرار والمدة يمكن أن يساعد في تطوير عادات صحية وتحقيق تحكم أفضل في مستوى السكر في الدم. بمجرد قراءة هذا المقال، حان وقت الوقوف والبدء بالحركة! هيا الآن!